الاثنين، 17 أبريل 2017

أبرز سمات الفرقة الناجية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام  على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،،،

فسبق الكلام في المقال السابق على مختصر عقيدة الفرقة الناجية المنصورة أهل السنة والجماعة ،وسنعرض في هذا المقال أهم علامات وسمات الفرقة الناجية المنصورة التي امتازت بها عن غيرها من فرق الضلال والبدع ليتضح للقارئ الكريم ما عليه هذه الفرقة الناجية من العقيدة الصحيحة والمنهج القويم القائم على القرآن والسنة وهدي سلف الأمة.

أهم سمات الفرقة الناجية المنصورة:

1- أنهم لا يقدمون على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيئاً في العلم والعمل والعقيدة والمنهج، بل هم يدورون مع القرآن والسنة ويقفون عندهما ولا يتجاوزونهما ،فلا يقدمون قول كائن من كان وما يكون فلا يقدمون عقلاً ولا ذوقاً ولا وجداً ولا قول شيخ ولا رئيس على كتاب الله وسنة رسوله لأنهم أهل اتباع للقرآن والسنة كما قال تعالى:
(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)

وقد قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )

قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.

وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم : لا تقطعوا الأمر دون الله ورسوله.
وقال الضحاك : لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم.
وقال سفيان الثوري : ( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) بقول ولا فعل.

وقال ابن القيم : أيْ لا تَقُولُوا حَتّى يَقُولَ، ولا تَأْمُرُوا حَتّى يَأْمُرَ، ولا تُفْتُوا حَتّى يُفْتِيَ، ولا تَقْطَعُوا أمْرًا حَتّى يَكُونَ هو الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِ ويَمْضِيهِ.(تفسير ابن القيم )

قال أبو مظفر السمعاني : وقد كانوا [ أي سلف الأمة ] على بينة من أمورهم وعلى بصيرة من دينهم، لما هداهم الله بنوره وشرح صدورهم بضياء معرفته فرأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته وتوقيف السنة وبيانها غناء ومندوحة مما سواها وأن الحجة قد وقعت وتمت بهما وأن العلة والشبهة قد أزيحت بمكانهما. (الانتصار لأهل الحديث 24)

قال ابن القيم في نونيته :
يا من يريد نجاته يوم الحسا***بِ من الحميم وموقد النيران
اتبع رسول الله في الأقوال وال***أعمال لا تخرج عن القرآن
وخذ الصحيحين اللذين هما لعق***دِ الدين والإيمان واسطتان
واجعلهما حكماً ولا تحكم على***ما فيهما أصلاً بقول فلان
واجعل مقالته كبعض مقالة ال***أشياخ تنصرها بكل أوان
وانصر مقالته كنصرك للذي***قلدته من غير ما برهان

2- أن أهل السنة الفرقة الناجية المنصورة أهل اتباعٍ لسلف هذه الأمة في عقيدتهم وفي دعوتهم وفي علمهم وعملهم وفهمهم لكتاب ربهم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأن سلف الأمة من القرون الثلاثة الفاضلة هم الذين زكاهم ربنا عز وجل في كتابه وأمرنا باتباع سبيلهم وكذلك زكاهم رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا باتباعهم ،كما في قوله تعالى :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
وقال تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاق)
وهذا الخطاب موجه في المقام الأول لكل من آمن بمثل ما آمن به أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وسار على هديهم واقتفى أثرهم، فمن فعل ذلك فقد حاز الفلاح والهداية ومن تنكب عنه فهو في شقاق واختلاف وغواية وقد عرَّض نفسه للهلاك والعياذ بالله.
وقد قال تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) وأول هؤلاء الذين أمرنا باتباعهم والسير على منهاجهم هم الصحابة ثم التابعين ثم التابعين لهم بإحسان وهؤلاء هم أصحاب القرون الثلاثة المفضلة، كما جاء في الصحيح من حديث عمران بن حصين قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.

قال أبو المظفر السمعاني :
وشعار أهل السنة :اتباعهم للسلف الصالح وتركهم كل ما هو مبتدع محدث.
(الانتصار لأهل الحديث 31)

قال الآجري :
علامة من أدار الله به خيراً سلوك هذا الطريق، كتاب الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد إلى آخر ما كان من العلماء مثل : الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل والقاسم بن سلام ومن كان على طريقتهم ومجانبةكل مذهب يذمه هؤلاء العلماء.
(الشريعة 1\175)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين ؛ فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد ومعلوم البطلان بالاضطرار من دين الاسلام.
(مجموع الفتاوى 13/243)

قال ابن القيم في نونيته:
واجعل جلوسك بين صحب محمد***وتلقَّ معهم عنه بالإحسان
وتلقَّ عنهم ما تلقوه هم*** عنه من الإيمان والعرفان
أفليس في هذا بلاغ مسافر***يبغي الإله وجنة الحيوان.

3-من سمات أهل السنة الفرقة الناجية المنصورة الظاهرة أنهم يحبون ويوالون كل من انتحل السنة وعظَّمَها وعمل بها وصار من أهلها، وعلى قدر تعظيمه للسنة تكون محبته وإجلاله وموالاته ،وقد قال الله عز وجل :
(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)

وقال تعالى :(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)

وقد قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ.
رواه أبو داود وحسنه الألباني

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل.
رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني

قال أيوب السختياني : إني لأخبر بموت الرجل من أهل السنة، فكأني أفقد بعض أعضائي.

وقال سفيان الثوري: استوصوا بأهل السنة خيراً، فإنهم غرباء.

قال ابن بطة العكبري رحمه الله:
ثم تحب في الله من أطاعه، وإن كان بعيداً عنك، وخالف مرادك في الدنيا، وتبغض في الله من عصاه ووالى أعدائه وإن كان قريباً منك ووافق هواك في دنياك.
(الشرح والإبانة 301)

4-ومن أبرز سماتهم أنهم ليسوا أهل ابتداع ولا إحداث في دين الله بل هم أشد الناس تحذير من ذلك لإيمانهم أن الدين قد كمل والنعمة قد تمت على العباد وحجة الله قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهم بذلك مقتفون للكتاب والسنة من التحذير من البدع والأهواء،
كما قال تعالى :
(وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)

وقال تعالى :
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

وقال تعالى :
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
متفق عليه
وفي رواية عند مسلم :
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد.
ومعنى قوله "رد" : أي مردود على صاحب العمل.

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال :
خَطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً.خطاً، ثم قال :
" هذا سبيل الله
ثم خَطَّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثُم قال :
" هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"
ثم تَلا: " { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } "
رواه أحمد والدارمي وصححه الألباني

وقال صلى الله عليه وسلم : فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضواعليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ،فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني

قال الإمام سليمان بن سحمان :
فقد حذر ﷺ أصحابه عن البدع ومحدثات الأمور وأمرهم بالاتباع الذي فيه النجاة من كل محذور.
(الدرر السنية 2/346)

5- وأنهم لا يحبون المحدثات والبدع وأهلها بل يمقتونها ويمقتون أهلها ويبغضونهم فلذا قطعوا كل العلائق والوسائل التي توصل إلى مودتهم والقرب منهم فلا يقولون بقول المبتدعة ولا يعملون بعملهم ولا يجالسونهم ولا يناظرونهم ولا يسلمون عليهم ولا يناكحونهم ولا يتبعون جنائزهم ولا غير ذلك مما يوجب الاتصال بهم ومد جسور المودة في القلوب لهم ، قال تعالى :
(لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ،

لذا جاءت عنهم الآثار المتظافرة في هذا المعنى ومنها :

وقال البيهقي : وكان الشافعي رضي الله عنه  شديداً على أهل الإلحاد وأهل البدع مجاهراً ببغضهم وهجرهم "
(مناقب الإمام الشافعي 1/465 )

وقال عبدالله بن المبارك : اللهم لا تجعل لصاحب بدعة عندي يداً فيحبه قلبي.
( أصول اعتقاد أهل السنة 1/140)

وقال الفضيل بن عياض : من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه.
(الإبانة الكبرى لابن بطة 2/460 ) 

وقال الإمام أحمد : إذا سلم الرجل على المبتدع فهو يحبه ،قال : النبي صلى الله عليه وسلم :
ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم.
(طبقات الحنابلة 2/47)

وقال ابن بطة العكبري : ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقربه في جوارك.
ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه  وهجرانه، والمقت له، وهجران من والاه ونصره وذب عنه وصاحبه وإن كان الفاعل لذلك يظهر السنّة.
(الشرح والإبانة  ص 309 )

وقال أبو عثمان الصابوني : ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرّت وجـرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرّت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله:
(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ )
(عقيدة السلف وأصحاب الحديث 298)

6-أنهم أهل اجتماع وليسوا أهل افتراق اختلاف ، فالفرقة الناجية أهل السنة أهل الحديث : يعبدون رباً واحداً لا شريك له ويتبعون نبياً واحداً لا نبي بعده، ويأتمرون ويسمعون ويطيعون لأميرٍ واحد، ويصلون في المساجد خلف إمام ٍ واحد فدينهم دين اجتماع لا دين افتراق واختلاف،  لا تجد بينهم في العقيدة والمنهج افتراق كحال أهل البدع والأهواء الذي يسب بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا.
والمنهج الذي تسير عليه الفرقة الناجية هو الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه وما أجمع عليه سلف الأمة وعدم الاختلاف على ذلك كما في قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا )

وقوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وعيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)

قال أبو المظفر السمعاني :
ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعد ما بينهم في الديار وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار؛  وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد، يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، وفعلهم واحد لا ترى بينهم اختلافاً ولا تفرقاً في شيء ما وإن قلَّ ،بل لو جمعت ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء من قلب واحد!!! وجرى على لسان واحد!!! ،وهل على الحق دليل أبين من هذا؟!!
(الانتصار لأصحاب الحديث 45)

7-وأن هذه الفرقة الناجية أهل وسطية واعتدال كما قال تعالى :(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا )
قال الإمام البغوي في تفسيره : أَيْ عَدْلًا خِيَارًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( قال أوسطهم ) أَيْ خَيْرُهُمْ وَأَعْدَلُهُمْ وَخَيْرُ الْأَشْيَاءِ أَوْسَطُهَا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : يَعْنِي أَهْلَ دِينٍ وَسَط بَيْنِ الْغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ لِأَنَّهُمَا مَذْمُومَانِ فِي الدِّينِ.
فكما أن الإسلام وسط بين الأديان كذلك، هذه الفرقة الناجية وسط بين الفرق ،
فهم وسط بين الغلو والجفاء
وبين الإفراط والتفريط ، فهم
في باب أسماء الباري وصفاته وسط بين:
المشبهة والمعطلة ،
وفي باب الإيمان وسط بين :
المرجئة والخوارج،
وفي باب الوعد والوعيد وسط بين :
المعتزلةالوعيدية والمرجئة ،
وفي باب القدر وسط بين:
القدرية المعتزلة والجبرية،
وفي باب الصحابة وسط بين:
الخوارج والشيعة،

وفي هذا العصر وسط بين :
الشيوعية الإشتراكية القمعية
والرأسمالية العلمانية الديموقراطية.

هذه بعض ما امتازت به هذه الفرقة الناجية المنصورة من صفات وسمات عن غيرها من الفرق الهالكة المتوعدة بالنار التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث افتراق الأمة -الذي بيناه في المقال السابق -لكي يعرف القارئ الكريم الفرق بين هذه الفرقة وغيرها من فرق البدع والضلال ليطلب لنفسه السلامة ويسأل ربه الهداية.

نسأل الله بمنه وكرمه أن يبصرنا في ديننا ويلهمنا رشدنا إنه خير مسؤل وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

كتبه بندر بن محمد الميموني

الأربعاء، 5 أبريل 2017

مختصر عقيدة الفرقة الناجية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبينا المصطفى وآله وأصحابه ومن اقتفى.
أما بعد،،،

من هي الفرقة الناجية ؟

عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً - يَعْنِي الْأَهْوَاءَ - كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ كَمَا يَتَجَارَى الْكَلَبُ بِصَاحِبِهِ، لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ ."
الكَلَب : هو داء السعار الذي يصيب الإنسان بسبب عضة الكلب المسعور له.

رواه أحمد وأبو داوود والدارمي والحاكم
وروي هذا الحديث عن جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم :
أنس بن مالك وأبو هريرة وعوف بن مالك وعبدالله بن عمرو وسعد بن أبي وقاص وأبو أمامة الباهلي وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين

وقد صحح هذا الحديث مع ما له من الطرق المتعددة الحفاظ والمحققين من أهل العلم منهم :
الترمذي والحاكم وابن تيمية والشاطبي وابن حجر وابن كثير والألباني

فالفرقة الناجية في الحديث السابق هم الطائفة المنصورة السلفيون أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر ، فهم من اقتفى سنة المصطفى وسار على هديه وهدي سلف الأمة من القرون الثلاثة التي فضلها الله عز وجل على سائر الأمة.

ما عقيدة الفرقة الناجية؟
أساس عقيدتهم : القرآن والسنة وإجماع السلف.

فهم الذين يعتقدون أن الإسلام : هو الإستسلام لله عز وجل بالوحدانية والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.

وهم الذين آمنوا بالله وحده إيماناً يتضمن الإيمان بوجوده والإيمان بربوبيته والإيمان بألوهيته وحده لا شريك له وأنه هو وحده الإله المستحق للعبادة وهذا معنى "لا إله إلا الله " أي : لا معبود بحق إلا الله ،والإيمان بأسمائه وصفاته اللائقة به سبحانه وتعالى من غير تمثيل وتكييف ومن غير تعطيل وتحريف.

وهم الذين يؤمنون أن الله متصف بصفات كمال ونعوت جلال فهو سبحانه متصف بصفاتٍ ذاتية معنوية كالعلم والقدرة والحكمة والعلو والإرادة والسمع والبصر وغيرها، ومتصف بصفاتٍ ذاتية خبرية كالوجه واليدين والعينين والكف والأصابع والساق والقدم ،ومتصف بصفات فعلية كالإستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر والضحك والغضب والانتقام والمحبة والعجب وغير ذلك.

وهم الذين يؤمنون بأن الله عالٍ على خلقه فوق عباده بائن منهم ،فعلوه علو ذات وعلو قهر وعلو قدر.

وهم الذين يؤمنون بأن الله مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله وعظمته في سبع آيات في كتاب الله ومعناه كما جاء عن السلف: ارتفع وصعد وعلى واستقر.
وأن العرش وجميع المخلوقات فقيرة محتاجة إليه  سبحانه وتعالى وأنه لا يحتاج أحداً فهو الغني بذاته عز وجل.

وهم الذين يؤمنون أن الله عز وجل يتكلم ويقول وينادي على الحقيقة وكلامه قديم النوع حادث الآحاد والقرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، تكلم الله به وسمعه جبريل من الله بصوت وحرف ونزل به على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فحفظه ووعاه وبلغه إلى الأمة.

وهم الذين يؤمنون بملائكته وكتبه ورسله على سبيل الإجمال والتفصيل.

وهم الذين يؤمنون باليوم الآخر والبعث والنشور وأهوال يوم القيامة والحشر والصراط والحوض والميزان والشفاعة لمن أذن الله له ورضي عنه.

ويؤمنون بالجنة وأنها مخلوقة موجودة الآن ومن دخلها لا يخرج منها أبدا ،ويؤمنون بالنار وأنها مخلوقة موجودة الآن وأن نار الموحدين تفنى بعد أن يخرجوا منها ويدخلون الجنة وأما نار الكافرين فإنها لا تفنى بل هي باقية أبد الآبدين.
ويؤمنون بأن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة رؤية بصرية كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته وأن رؤيته أعظم نعيم الجنة.

ويعتقدون أن الإيمان قول وعمل ونية، وأنه اعتقادٌ بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

ويعتقدون أن فاعل الكبيرة ليس بكافر بل هو مؤمن بإيمانه عاص بكبيرته أو هو مؤمن ناقص الإيمان وهو يوم القيامة تحت مشيئة الله عز وجل إنا شاء عذبه وإن شاء غفر له.

ويؤمنون بالقدر خيره وشره وأن الله عز وجل قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فأول ما خلق القلم قال له : اكتب ،فكتب مقادير كل شيء إلى يوم القيامة.
وأن القدر أربع مراتب : العلم والكتابة والمشيئة والخلق.
وأنه سبحانه خالقٌ لأفعال العباد خيرها وشرها فلا يقع في ملكه وسلطانه إلا ما يريد فأفعال العباد هي من الله خلقٌ ومن العبد فعلٌ.

ويؤمنون أن الله فعال لما يريد، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ما أراده كوناً حتما يقع وما أراده شرعاً قد يقع وقد لا يقع لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

ويعتقدون أن نبينا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي نسباً المكي مولداً المديني مهاجراً هو خاتم النبيين والمرسلين وهو سيد ولد آدم ولا فخر بلغ الرسالة وأدى الأمانة وأتم الله عز وجل على يديه الدين وأكمله.

ويؤمنون أن أفضل الأمة بعد نبيها هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخ قريش أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم أول أميرٍ للمؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب ثم أمير المؤمنين ذو النورين زوج البنتين عثمان بن عفان ثم أمير المؤمنين ابن عم رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم  أهل بيعة الرضوان ثم سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ويؤمنون بمحبة آل بيت النبي صلى الله وسلم ويحفظون لهم حقهم من القرابة والمودة والتوقير.

ويؤمنون أن زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين بنص كتاب الله الطاهرات العفيفات أولات الفضائل والمناقب ،زوجاته في الدنيا وزوجاته في الجنة رضي الله عنهن.

ويؤمنون بعدالة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الله قد زكاهم وعدلهم فلهم من الفضائل والمحاسن والمقامات مالا يكون لمن بعدهم.

ويؤمنون بوجوب الكف عما شجر بين الصحابة من الفتن وأنهم مأجورون على اجتهاداتهم فتجب محبتهم والترضي عنهم جميعاً فلا يذكرون إلا بالقول الطيب والجميل.

ويؤمنون بوجوب السمع والطاعة للأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً ،وأنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمامة ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.

ويؤمنون بوجوب إقامة أركان الإسلام الخمسة، الشهادتين والصلاة والزكاة وصيام رمضان والحج لمن استطاع إليه سبيلا.

ويؤمنون بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
ويأمرون بالأخلاق الحسنة الفاضلة وينهون عن الاخلاق السيئة وعن الفواحش والمنكرات.

ويأمرون بالسنة والدعوة إليها وإقامتها ونشرها بين الناس وتعليم الناس العلم النافع وإرشادهم إلى العمل الصالح.

وينهون عن البدع والأهواء كلها ولا يرون شيئا منها حسن بل كلها ضلالة وسبيل إلى النار.

فهم ينهون عن الغلو في أصحاب القبور وعبادتهم من دون الله كدعاءهم كشف الضر أو جلب الخير وكالنذر لهم والذبح والاعتكاف والطواف حول قبورهم فكل هذا من الشرك الأكبر.

وهم ينهون عن البناء على القبور وإسراجها وتجصيصها وشد الرحال إليها ودفن الأموات في المساجد فكل ذلك من البدع ومن وسائل الشرك وذرائعه.

وينهون عن كل محدث في الدين وعن الأفكار الهدامة والمباديء الباطلة كالشيوعية والعلمانية والأشتراكية والديمقراطية وغيرها

وهم كذلك لا يرون مجالسة أهل البدع ولا الاستماع إلى أقوالهم إلا للرد عليها ولا مناظرتهم ولا مجادلتهم بل يرون الذم لهم وعيبهم وتحذير الناس منهم ومن أقوالهم وأفعالهم حتى يحذرهم الناس نصحاً لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

هذا مجمل ومختصر اعتقاد الفرقة الناجية فمن أراد الاستزادة فليراجع كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية وكتاب الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد كلاهما لشيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب وغيرها من كتب عقيدة أهل السنة والجماعة مع شروحها.

هل الثنتين والسبعين فرقة في النار؟

هذا الحديث من أحاديث الوعيد ولا يلزم أن يكون كل فرد من هذه الفرق في النار أو خالدا فيها.

هل كل مسلم من الفرقة الناجية؟

ليس كل مسلم يكون من الفرقة الناجية لأن الفرق الهالكة مبتدعة متوعدة بالنار قد خالفت سبيل السلف الصالح ،فهذه الفرق المبتدعة إما أن تكون بدعها بدع كفرية كالنصيرية والجهمية فهذه ليس المنتمي لها بمسلم أصلاً ،وإن كانت هذه الفرق بدعها ليست كفرية فصاحبها داخل في دائرة الإسلام إلا أنه متوعد بالنار لأنه خالف اعتقاد الفرقة الناجية وخالف سبيل المؤمنين ،قال تعالى
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)
وإلا ما فائدة أن يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإفتراق ويبين لنا من هو الناجي ومن هو الهالك من هذه الفرق؟!! ،فمعيار النجاة قوله صلى الله عليه وسلم في رواية "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" فمن خالف الصحابة في عقيدتهم ومنهجهم فليس منهم وهو من المتوعدين بالهلاك سواء كان: جهميا أو معتزليا أو أشعريا أو صوفيا أو ماتريديا أو خارجيا أو مرجئا أو من السبابة للصحابة المكفرة لهم أو من الغلاة في آل البيت أو من عباد القبور أو غيرهم.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الفرقة الناجية وأن يحشرنا في زمرتهم يوم نلقاه ومن يقرأ
اللهم آمين

والحمد لله رب العالمين.

بندر بن محمد الميموني