الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

ليس بغريب ظلم عبدالرحمن عبدالخالق للشيخ ربيع المدخلي



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على أفضل خلقه نبينا محمد وعلى آله وصحبه. 

أما بعد ،،،

لما ابتلى الله عز وجل هذه الأمة بظهور البدع وأهلها ما فتئ أهل البدع بالتسلط على أهل السنة بالكذب والظلم والافتراء ما وسعهم ذلك حتى غدت هذه الخصلة سمة لهم وعلامة يعرفون بها فهذه سيرتهم الدائمة وطريقتهم القائمة ما زالت منذ مئات السنين إلى يومنا وقد قال تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً)  قال ابن كثير : أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه (فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) وهذا هو البهت البين أن يحكى أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والتنقص لهم. اهـ

وقال ابن جرير رحمه الله :وقوله ( فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) يقول : فقد احتملوا زوراً وكذباً وفريةً شنيعةً ،وبهتان : أفحش الكذب ( وإثماً مبيناً) يقول: وإثما يبين لسامعه أنه إثم وزور. اهـ

قال الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني رحمه الله تعالى في كتابه " عقيدة السلف أصحاب الحديث ":

وعلامات أهل البدع على أهلها بادية ظاهرة ، وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ، واحتقارهم لهم واستخفافهم لهم ، وتسميتهم إيَّاهم حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقاداً منهم في أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّها بمعزل عن العلم ، وأنَّ العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدروهم المظلمة ، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير وكلماتهم ، وحججهم العاطلة بل شبههم الداحضة الباطلة :[ أؤلئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ]،[ ومن يهن الله فما له من مكرم إنَّ الله يفعل ما يشاء ].اهـ

قال أحمد بن سنان القطَّان : ليس في الدنيا مبتدع إلاَّ وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه.

والبغض من أعظم الأسباب الحاملة لأهل البدع على الكذب والظلم لأهل السنة ،قال تعالى :( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر.)

إن الناظر في تاريخ الإسلام وتراجم الأئمة والعلماء ليقف على صور كثيرة من نوع هذا الظلم والكذب والبهتان لأهل السنة من قبل المبتدعة على مر العصور ،فهؤلاء الخوارج قد كذبوا على عثمان رضي الله عنه ثم كفروه وقتلوه ثم قتلوا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ،وهؤلاء المعتزلة امتحنوا الناس في دين الله في مسألة خلق القرآن لما تمكنوا في زمن الخلافة العباسية بل وسجنوا العلماء وضربوهم وقتلوا بعضهم وما محنة الإمام أحمد بن حنبل عنا بغائبة!، وهؤلاء الأشاعرة ظلموا شيخ الإسلام ابن تيمية وكذبوا عليه ثم سجنوه حتى مات في سجنه رحمه الله ،وكذلك القبوريون كذبوا على الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب واتهموه بما هو منه براء ،وقد قالوا عنه أنه على دين الخوارج وأنه يكفر بالمعاصي ويقتل بالشبهة!!! بل قد تألب عليه  واحتشد أهل البدع حتى كادوا يفتكوا به لولا لطف الله به. وفي عصرنا هذا أيضاً قد تعرض بعض العلماء لظلم وافتراء المبتدعة فهذا الإمام الألباني قد افترى عليه جماعة الإخوان المسلمين واتهموه بأنه يكفر سيد قطبهم والمتصوفة يتهمونه بأنه مجسم ويكره الأولياء إلى آخر هذه التهم الكاذبة الآثمة التي أطلقها المبتدعة ولا زالوا يفعلون ،وكذلك قد تعرض العلامة الشيخ محمد أمان الجامي للضرب في بيت من بيوت الله وبحضور جمع من المشايخ والعلماء من قبل أغمار السرورية  في مدينة الرياض وغير ذلك من صور ظلم أهل البدع والضلال للعلماء من أهل السنة ،كل ذلك بسبب حقدهم وحسدهم على ما آتى الله هؤلاء العلماء الأجلاء من فضله من العلم النافع النابع من الكتاب والسنة وهدي السلف والذي ردوا به أباطيل المبتدعة وزيف ادعاءاتهم وأقاويلهم.

ومن آخر صور هذا الظلم ما قرأته لعبدالرحمن عبدالخالق على حسابه الرسمي في موقع التواصل ( التويتر) باتهامه للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله ومتع بعمره على طاعته وختم لنا وله بالصالحات- بأن منهجه ومنهج تلاميذه مشابه لمنهج ( داعش) الخوارج!!!.

فقلت يا للعجب!!!

صدق من قال : رمتني بداءها وانسلت

فقد أيقنت أن تهمة أهل السنة بأنهم مشابهون للخوارج تهمة متجددة تخفت زمنا وتظهر زمنا آخر يتوارثها أجيال أهل الباطل ولك قوم وارث وقد سُبق بها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه وأتباعه على دعوته بأنهم من الخوارج ومشابهون لهم في أقوالهم وأفعالهم وأنهم يكفرون العلماء والصالحين كذباً وزوراً لا لشيء إلا لمجرد دعوتهم الناس أن يوحدوا الله ويخلصوا له العبادة ولا يشركوا معه في عبادته لا ملكاً مقرباً ولا نبياً ولا أحداً من الصالحين كما قال تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) وكما قال سبحانه ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) .

بل قد سُبق بهذه التهمة أيضاً الإمام ابن القيم رحمه الله حيث قال في النونية الكافية الشافية:

فصل:
في بيان كذبهم ورميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج ،وبيان شَبَههم المحقق بالخوارج

ومن العجائب أنـهم قـالوا لــمن *** قد دان بالآثار والقرآنِ

أنتم بذا مـثل الخــوارج إنهــم   *** أخذوا الظواهر ما اهتدوا لمعانِ

فانظر إلى ذا البَهت هذا وصفهم*** نسبوا إليه شيعة الإيمانِ

سلوا على سـنن الرسول وحـزبه*** سيفين سيف يد وسيف لسانِ

يا سبحان الله!!
كيف يتهم بهذه التهمة الباردة الكاذبة من سخر قلمه ولسانه ووقته الى الدعوة إلى الله عز وجل وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح وسعى طول حياته في ربط الأمة صغيرها وكبيرها بدينها الصحيح الصافي على منهاج النبوة وتربية الناشئة على ذلك كله ،لمجرد أنه قام بالرد على بعض الأشخاص المنتمين للجماعات الحزبية الدعوية أو من تلطخ بأقوال المبتدعة الوبيّة دفاعاً عن سنة خير البرية ،والشيخ ربيع من علماء المسلمين المعتبرين الذي ظهر صدقه ودينه وعلمه حتى استحق الثناء من إخوانه أهل العلم والفضل ومع ذلك هو ليس بمعصوم ولم يدع أحد أنه معصوم بل هو كسائر علماء أهل السنة خطأهم مغمور في بحر صوابهم.

والشيخ العلامة ربيع المدخلي من أكثر أهل العلم رداً على الخوارج في هذا العصر وتحذيراً منهم ومن عقيدتهم الفاسدة ومن دسائسهم ومكرهم بأهل السنة وهو من دفع في صدر الجماعات الحزبية على مختلف مشاربهم بالكتاب والسنة حتى نكسوا على رؤوسهم وأركسوا في بدعهم وغيهم وافتضحوا بين المسلمين بعد أن كانوا متسترين بالدعوة إلى الله!! ،أما عبد الرحمن عبدالخالق فإنه لا يعرف عنه نقد أو كلام في الجماعات الإرهابية التي كانت تفجر وتقتل في المسلمين منذ عشرات السنين كالقاعدة بل هو يصرح دائماً أن جميع الجماعات الدعوية في الساحة الإسلامية هي ظاهرة صحية يجوز التعاون معها.!!

فهل لأجل هذه التهمة يرمى كل عالم من علماء الإسلام بأنه مشابه لمنهج الخوارج لمجرد أنه يرد الباطل على أهله ويدافع عن الحق بالدليل؟! فهل كان الإمام أحمد مشابهاً للخوارج لما رد على الحارث المحاسبي أو الكرابيسي أو أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي؟!! أو هل كان الإمام الدارمي مشابهاً للخوارج لما رد على بشر المريسي؟!! أو هل كان شيخ الإسلام عبدالله بن محمد الهروي مشابهاً لمنهج الخوارج ،وقد عرض عليه السيف خمس مرات يقال له : اسكت عمن خالفك؟!!!

أو هل كان شيخ الإسلام ابن تيمية مشابهاً للخوارج وقد تكلم في بعض العلماء ورد عليهم كالغزالي والرازي والعز بن عبدالسلام وغيرهم؟!!!

أو هل كان الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب مشابهاً لمنهج الخوارج لما رد على ابن فيروز والمويس وابن سحيم وغيرهم ممن انحرف وخالف عقيدة أهل السنة والجماعة؟!!! ،أما هل كان الإمام ابن باز رحمه الله مشابهاً لمنهج الخوارج لما رد على الصابوني والبوطي وعلى سيد قطب الذي تلاعب في تفسير كلام الله حتى قال عنه : ضايع في التفسير؟!!! وعبدالرحمن عبدالخالق  مع هذا كله من المدافعين عنه المنافحين له الذابين عن سيد قطب سباب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس أهل التكفير المعاصر وهو إمامه الذي زرع بذرة التكفير في المجتمعات المسلمة والذي تستقي منه داعش والنصرة والقاعدة والسرورية والإخوانية وحزب التحرير كل مبادئ التكفير المعاصر للحكومات والأفراد.!!

ومن العجيب أن ينسى عبدالرحمن عبدالخالق أنه كان من أوائل من دعى إلى تقسيم التوحيد إلى أربعة أقسام وجعل الرابع منها "توحيد الحاكمية" كل هذا لداعي الغلو في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله والتي بسببها وعلى أساسها قامت جماعة الإخوان المسلمين والقاعدة والنصرة وداعش والسرورية وحزب التحرير وغيرهم من أهل التكفير والتفجير ومن ثَمَّ كفروا خصومهم لأجلها بله قد كفروا كل من لم يوافقهم فيها حتى كفر بعضهم عموم المسلمين!!

وقد سألت الإمام ابن عثيمين رحمه الله عن هذا التقسيم للتوحيد "توحيد الحاكمية" فقال لي : هذا غلو كغلو الرافضة في مسألة الإمامة.!!

أليس عبدالرحمن عبد الخالق هو من دعم الثورات وأيدها ولو سالت دماء مئات الآلاف من المسلمين ولو حصل القتل والتشريد لهم ،أليس هو من زعم أن أهل الكويت قد انقطعت صلتهم عن الإسلام لما جاء إليها اول مرة أليس هذا تكفير بالجملة لأهل الكويت.!!!

https://www.youtube.com/watch?v=hip31Y9vXCo

أليس هو من زعم أن بعض أئمة الدعوة يعطون الولاة والأمراء صفات الرب عز وجل وهذا لا شك أنه تكفير لهؤلاء العلماء !!!

‏(هذا رابط رد الإمام ابن باز على بعض افتراءات وسقطات عبدالرحمن عبد الخالق)

http://www.binbaz.org.sa/node/8677

عبدالرحمن عبدالخالق له تلاميذ كثر ومريدون فانظر في أحوالهم ومناهجهم وعقيدتهم ترى أنهم هم أهل التكفير المؤججون للثورات والفتن في العالم الإسلامي المنادون بالمظاهرات والاعتصامات المبتدعة ,حتى صُنف بعضهم على قائمة الإرهاب العالمي ومنع من دخول بعض بلاد الإسلام ،هؤلاء هم نتاج فكر وعقيدة عبدالرحمن عبدالخالق والرجل من أخدانه وأصحابه.

قال قتاده: إنا والله ما رأينا الرجل يصاحب من الناس إلا مثله وشكله فصاحبوا الصالحين من عباد الله لعلكم أن تكونوا معهم أو مثلهم.

قال الاوزاعي: من ستر علينا بدعته لم تخف علينا ألفته.

قال محمد بن عبيد الغلابي: يتكاتم أهل الاهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة.

فكيف بعد هذا كله يزعم عبد الرحمن عبد الخالق أن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي مشابه لداعش وغيره أولى وأحرى بهذا الشبه من الشيخ ربيع حفظه الله.

سبحانك هذا بهتان عظيم.!!!

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال في مؤمن ما ليس فيه ،حبس في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال.

رواه أبو داود والحاكم وصححه الألباني

ردغة الخبال هي عصارة أهل النار.
 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

والحمد لله رب العالمين

كتبه بندر بن محمد الميموني


 

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

نهي الصائمين والقائمين عما يسمى (دورات كرة القدم الرمضانية)!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على نبينا المبعوث بالهدى المبين وعلى آله وأصحابة والتابعين.
أما بعد،،،
فإن الله عز وجل قد جعل شهر رمضان أفضل الشهور وأعظمها قدراً فشرع فيه الصيام والقيام والإعتكاف وجعله موسماً لتكثير الحسنات والتنافس في الطاعات والإقبال على الخيرات فهو شهر عبادة و طاعة لله عز وجل وقراءة للقرآن وصدقة وصلة رحم وغير ذلك من وجوه القربات ،قال تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ ).
فينبغي للمسلم أن يغتنم هذا الشهر المبارك الذي بلغه الله إياه وهو في صحة وعافية فيجعل كل أوقاته أو جلها في طاعة الله عز وجل عسى أن يفوز بعفو ربه ورضاه.
و في هذا الشهر المبارك لا يُمنع المسلم فيه من عمل ما أباحه الله له من سائر المباحات ومن ذلك أن يمارس شيئاً من الرياضة التي تفيده في بدنه وصحته إذ لا رهبانية في ديننا بل في ديننا فسحة والحمد لله على فضله.
لكن الأمر في هذه الأزمان قد زاد واتسع وأخذ الناس يتنافسون فيه بإقامة ما يسمى الدورات الرمضانية في كرة القدم وغيرها من الرياضات والألعاب التي شغلوا الصائمين والقائمين بها عن طاعة الله عز وجل ،على أن بعض هذه الألعاب محرمة أصلا كلعبة الورق التي أفتى أهل العلم بحرمتها سواء كان ذلك في رمضان أو غيره.

وأما الدورات الرمضانية التي تقام للعب كرة القدم فإن فيها محظورات لزم التنبيه عليها نصيحة للناس فمن ذلك:

١- أن هذه الدورات صارت مرتبطة بهذا الشهر المبارك الذي قد شرعه الله للعبادة والطاعة ولم يشرعه للهو واللعب فأصبحت هذه الرياضة تصد كثيراً من الناس عما هو خير لهم في دينهم وعاقبة أمرهم ،وصار كثير من الناس ينشغل بهذا الأمر ويترك قراءة القرآن والأعمال الصالحاً جرياً خلف هذا اللهو والعبث في هذا الشهر المبارك فيفوت على نفسه اغتنام هذا الموسم العظيم.!!
ولا يعني هذا أن يمنع الناس من ممارسة شيء من الرياضة النافعة لكن المقصود ربط هذه الرياضة في هذا الشهر المبارك وجوداً وعدماً.

٢-أن هذه الدورات تكون بعوض بحيث يعطى الفائز منها مبلغاً من المال وهذا محرم لأنه لا يجوز أخذ عوض على المسابقات إلا ما جاء النص به وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا سبَق إلا في نصل أو خف أو حافر.
رواه أحمد وأهل السنن وصححه الألباني

وقوله صلى الله عليه وسلم ( لا سبَق ) أي لا عوض إلا في هذه الثلاثة وهي الرمي أو المسابقة على الإبل أو الخيل لما فيها من المصلحة المترتبة على الإعداد للجهاد في سبيل الله.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:
المغالبات بالنسبة إلى أخذ العوض ثلاثة أقسام :

أحدها: يجوز بلا عوض ولا يجوز بعوض ،وهذا هو الأصل والأغلب فدخل في هذه، المسابقة على الأقدام والسفن والمصارعة ومعرفة الأشد في غير ما تهلكة.

الثاني : لا يجوز بعوض ولا بغير عوض وذلك كالشطرنج والنرد والقمار ،وكل مغالبة ألهت عن واجب أو أدخلت في محرم ،والحكمة في تحريمها ظاهرة.

الثالث :تجوز بعوض ،وهي المسابقة والمغالبة بالسهام ،وبين الإبل والخيل لصريح الحديث المبيح لذلك. اهـ
نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب ٣\٢٣٧

وقاس على ذلك بعض أهل العلم المسابقة في العلم وتحصيله ،قال ابن القيم رحمه الله:
وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد ،فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز.اهـ
الفروسية ٢٥٧

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
مسألة : كرة القدم من هذا النوع ، أي : أنها تجوز بغير عوض ولا تجوز بعوض ،لأن فيها ترويحاً للنفس وتقوية للبدن وتعويداً على المغالبة ولكن بشرط ألا يدخلها التحزب المشين ، كما يحصل من بعض الناس يتحزبون لنادٍ معين حتى تحصل فتنة وتصل إلى حد الضرب بالأيدي والعصي والحجارة.اهـ
الممتع ١٠\٩٤
وبين الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كلام سابق له أنواع العوض الذي لا يجوز أخذه على المسابقات فقال : سواء كان هذا العوض نقداً أو عروضاً أو منفعةً. اهـ
الممتع ١٠\٩٣

٣- المفاخرة في عرض وإقامة هذه الدورات والتباهي بالأكثر حضوراً ومتابعة ومن هم الداعمين لها وتحت رعاية فلان أو علان!!
والله عز وجل يحب العمل أن يكون خالصاً لوجهه موافقاً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم خالياً من المفاخرة والعجب ودواعي الرياء والسمعة ،قال تعالى :
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)

لذلك أنصح جميع الإخوة بالإبتعاد عن هذه الدورات وما فيها من ملهيات ومنغصات تبعد عن الله عز وجل ولا تقرب إليه ،والعبد في هذا الشهر المبارك أحوج ما يكون إلى ربه ومولاه عسى أن يتجاوز عنه ويقبل منه ،ولا يلتفت إلى من سمته الصلاح وهو خال من العلم ولا يرفع به رأساً إذا شارك في مثل هذه الملهيات فإن العبرة بموافقة الحق بدليله والله الهادي إلى سواء السبيل.

أسأل الله عز وجل بمنه وكرمه وجوده أن يوفقنا لصيام رمضان وقيامه وأن يتقبل منا صالح الأعمال وأن يغفر لنا وأن يرحمنا إنه سميع مجيب
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه
بندر بن محمد الميموني

الجمعة، 3 أبريل 2015

الشرك الأصغر : تعريفه وحكمه وصوره

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

أما بعد،،،
الشرك بالله هو أعظم ذنب عصي الله به وأكبر خطيئة عرفتها البشرية وأخطر جريمة وقعت في الأرض ،فهو قدح في الربوبية وتنقص للألوهية وسوء ظن بالله العظيم ،كيف لا؟ ففيه هضم لحق الله عز وجل الذي هو أعظم الحقوق على الإطلاق التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
قال تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا)

وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)

وقال تعالى :  (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
قال ابن سعدي في تفسيره :
"فإن الشرك محبط للعمل، موجب للخلود في النار، فإذا كان هؤلاء الصفوة الأخيار لو أشركوا ـ وحاشاهم ـ لحبطت أعمالهم، فغيرهم أولى"

وقال تعالى : (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ)

وقال تعالى :(فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ،وهو أن تقول : والله وحياتك يا فلانة ،وحياتي ، وتقول لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص ولولا البط في الدار لأتى اللصوص ،وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت ...
قال الأمام سليمان بن عبدالله رحمه الله:
اعلم أن من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ وإن لم يقصد المتكلم بها معنى لا يجوز بل ربما تجري على لسانه من غير قصد كمن يجري على لسانه ألفاظ من أنواع الشرك الأصغر لا يقصدها.
تيسير العزيز الحميد شرك كتاب التوحيد ٥٨٦

وقال تعالى : (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيئاً) ،قال ابن سعدى رحمه الله: وحقيقة الشرك بالله : أن يعبد المخلوق كما يعبد الله أو يعظم كما يعظم الله أو يصرف له نوع من خصائص الربوبية والإلهية ،وإذا ترك العبد الشرك كله صار موحداً مخلصاً لله في جميع أحواله فهذا حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.اهـ
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ٢٧٩

وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟
 قلنا: بلى يا رسول الله،
قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.
وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور.
فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت.
متفق عليه

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار)
رواه مسلم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تبارك وتعالى : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه.)
رواه مسلم

تعريفه:-

قال الفيروز آبادي في " القاموس " : الشِّركُ والشّركةُ بكسرهما وضم الثاني بمعنى. وقد اشتركا وتشاركا وشارك أحدهما الآخر.اهـ

وفي الإصطلاح :

قال ابن القيم : (وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والتصنع للخلق، والحلف بغير الله، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) ،وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا، وقد يكون هذا شركاً أكبر بحسب قائله ومقصده.)
مدارج السالكين ١\٣٥٢

قال العلامة ابن سعدي :وأما الشرك الأصغر فهو جميع الأقوال والأفعال التي يتوسل بها إلى الشرك ؛كالغلو في المخلوق الذي لا يبلغ رتبة العبادة وكالحلف بغير الله وكيسير الرياء ونحو ذلك. اهـ
القول السديد ٢٤
وقال العلامة عبد الرحمن بن قاسم  : والأصغر هو ما أتى في النصوص أنه شرك ولم يصل إلى حد الشرك الأكبر.
حاشية كتاب التوحيد ٥٠

حكمه :-
والشرك الأصغر أعظم جرماً وإثماً من الكبائر لأن الكبائر وإن عظمت فهي داخلةٌ تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عذب صاحبها وإن شاء غفر له رحمة وتفضلا منه سبحانه وتعالى وأما الشرك الأصغر فالصحيح الذي عليه المحققين من أهل العلم أنه غير داخل تحت المشيئة وأن الله عز وجل لا يغفره لصاحبه إلا أن يتوب ،قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ)

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
( قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: إن الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر، لعموم قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) و"أن يشرك" مؤول بمصدر تقديره شركاً به، وهو نكرة في سياق النفي فيفيد العموم)
القول المفيد ١\٢٦٦

قال العلامة عبدالرحمن بن قاسم : وحكمه [ أي الشرك الأصغر] أنه لا يغفر لصاحبه إلا بالتوبة لعموم ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ).اهـ
حاشية كتاب التوحيد ٥١

وسمي الشرك الأصغر بذلك للتفريق بينه وبين الأكبر فهو يختلف عن الشرك الأكبر من وجوه ،منها:-

*أن الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار بخلاف الشرك الأكبر.
*أن الشرك الأصغر لا يخرج صاحبه من الإسلام بخلاف الشرك الأكبر.
*أن الشرك الأصغر لا ينقض التوحيد بالكلية بل ينافي كماله الواجب.
*أن الشرك الأصغر لا يحبط جميع العمل بل يحبط العمل المقارن له.

صورة :-
للشرك الأصغر صور كثيرة سنتطرق لأكثرها شيوعا بين الناس تحذيراً منها ومما يؤدي إليها ،فمن ذلك :-

يسير الـريـاء والسمعة.
الرياء مشتق من الرؤيا وهو أن يعبد الله عز وجل لأجل أن يراه الناس كأن يصلي أو يتصدق أو يدعو إلى الله كي يراه الناس.

والسمعة أو التسميع مشتق من السماع والإسماع وهو أن يعبد الله عز وجل لأجل أن يسمع به الناس كالرياء ،وكلا الأمرين الحامل لهما هو أن يحصل الحمد والثناء من الناس .
وكلا الأمرين محبط للعمل مع تفصيل لأهل العلم في ذلك.

قال النبي صلى الله عليه وسلم :( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر -فسئل عنه- ، فقال: الرياء ،يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا، هل تجدون عندهم من جزاء؟)
رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني

وأما من كان الغالب على عمله هو الرياء والسمعة فهذا لا يكاد يصدر من قلب مؤمن بل هو حال أهل النفاق والعياذ بالله قال تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)

العمل لأجل الدينا :-
وهو الذي يعمل العمل الصالح كالصلاة والزكاة والإحسان إلى الناس وترك الظلم لكنه لا يريد ثواب الآخرة ودخول الجنة والنجاة من النار بل يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته أو حفظ صحته وأهله وعياله أو إدامة النعم عليهم أو من يعمل ليأخذ على عمله أجراً عاجلاً في الدنيا أو ليصيب مناصب دنيوية أو امرأة يتزوجها أو يجاهد للمغنم أو يتعلم ويقرأ القرآن لأجل الرياسة والرفعة أو يواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد كما هو واقعٌ كثيراً.
فكل هؤلاء قد عمل لأجل الدنيا واستعجل الأجر ولا هم لهم في الآخرة فلا يطلبون السلامة من النار ولا الفوز في الجنة نسألة الله السلامة والعافية.
انظر تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ٥٣٦-٥٣٧ 

العُجب بالعمل الصالح :-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وكثيرا. ما يقرن الناس بين الرياء والعجب ،فالرياء من باب الإشراك بالخلق والعجب من باب الإشراك بالنفس وهذا حال المستكبر ،فالمرائي لا يحقق قوله ( إياك نعبد ) والمعجب لا يحقق قوله ( إياك نستعين) .
مجموع الفتاوى ١٠\٢٧٧

تعليق التمائم ولبس الخيط والحلقة من النحاس وغيرها:-

التمائم جمع تميمة وهو كل ما علق على الأولاد أو الدواب أو السيارات أو البيوت لأجل دفع العين من خرز أو صدف أو أشكال تصبغ باللون الأزرق على شكل عين أو من الأوتار وغير ذلك ،وسميت تميمة من باب التفائل أن يتم أمر صاحبها.

فهذا كله محرم وهو من الشرك الأصغر وقد يكون شركاً أكبر بحسب نية فاعله والعياذ بالله ،قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : قد تكون شركاً أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه أوتكشف عنه المرض أو تدفع عنه الضرر دون الله ومشيئته.اهـ
مجموع الفتاوى ٢\٣٨٤

قال تعالى : (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)

قال النبي صلى الله عليه وسلم : من تعلق تميمة فقد أشرك.
رواه أحمد وصححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الرقى والتمائم والتولة شرك.
رواه أبو داود وصححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم : من تعلق شيئاً وكل إليه.
رواه الترمذي وحسنه الألباني
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه رأى رجلاً في يده خيطٌ من الحمى،فقطعه وتلا قوله تعالى : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ).
رواه ابن أبي حاتم

وأما التمائم إن كانت من القرآن فالصحيح أنها ممنوعة وهو قول كثير من الصحابة والتابعين ، قال ابراهيم النخعي : كانوا يكرهون التمائم كلها ،من القرآن وغير القرآن.
ويدخل في هذا أسورة الروماتيزم والتي يلبسها كثير من الناس في هذا الزمان مدعياً أنها تخفف آلام المفاصل والتي لم يثبت لا علميا ولا شرعيا وجود أي علاقة بينها وبين أمراض المفاصل ،وقد سئل عنها سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله فقال:
ومن هذه الأسورة: الحديد المعدنية التي يستعملها بعض الناس، فهي من جنس هذا، ويجب منعها، ويقول البعض: إنها تمنع من الروماتيزم، وهذا شيء لا وجه له فيجب منعها؛ كالحلقة التي علقها عمران.

وهكذا ما يعلق من عظام، أو من شعر الذئب، أو من ودع أو من طلاسم أو أشياء مجهولة، كل هذا يجب منعه، وكله داخلٌ في قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)
فتاوى نور على الدرب

بعض شرك الألفاظ:-
قول ما شاء الله وشئت.
ولولا الله وفلان .
وتوكلت على الله ثم عليك.
وتوكلت على الله وعليك.
وأعوذ بالله وبك.
ما لي إلا الله وأنت وغير ذلك

قال ابن القيم رحمه الله: ومن ذلك قوله : "لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ،ولكن قولوا : ما شاء الله ثم ما شاء فلان."(١)
وقال له رجل : ما شاء الله وشئت ،فقال:" أجعلتني لله نداً؟
قل ما شاء الله وحده."(٢)
وفي معنى هذا الشرك المنهي عنه قول من لا يتوقى الشرك : أنا بالله وبك ،وأنا حسبِ الله وحسبك ،ومالي إلا الله وأنت ،وأنا متوكل على الله وعليك وهذا من الله ومنك والله لي في السماء وأنت لي في الأرض ،ووالله ،وحياتك ،وأمثال هذا من الألفاظ التي يجعل فيها قائلها المخلوق نداً للخالق وهي أشد منعاً وقبحاً من قوله من قوله :ما شاء الله وشئت.
فأما إذا قال أنا بالله ثم بك ،وماشاء الله ثم شئت فلا بأس بذلك ،كما في حديث الثلاثة "لا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك."( ٣)
وكما في الحديث المتقدم الإذن أن يقال : ما شاء الله ثم شاء فلان.اهـ
زاد المعاد ٢\٣٥٣-٣٥٤

كذلك قول :أنا متوكل على الله وعلى فلان فإنه لا يجوز ،قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله:
فهو قول من لا يتوقى الشرك والله أعلم ،وفي فتاوى الشيخ محمد [بن ابراهيم ]رحمه الله أن هذا لا يجوز حتى لو أتى بلفظ "ثم" ؛لأن التوكل كله عبادة.
فلما سئل عن قول :متوكل على الله ثم عليك يا فلان ،قال:
شرك ،يقول موكلك ولا تقل موكل الله ثم موكلك على هذا الشيء ،هذا عامية وليست في محلها. اهـ
معجم المناهي اللفظية ١٥٣

الحلف بغير الله:-
الحلف هو اليمين
واليمين هي :توكيد حكم بذكر اسم الله تعالى أو صفته على وجه مخصوص.
والحلف بغير الله كقول الرجل : والنبي ،والحسين ،وأبي ،والكعبة ،وصلاة أبي ،وقبر أمي ،وذمتي ، ورقبتي ،وبشرفي ،وبصلاتي وغير ذلك فهذا كله محرم وهو من الشرك الأصغر وقد يكون شركاً أكبر بحسب نية الحالف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ،من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت.)
رواه البخاري
وجاء رجل إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ،فقال: أحلف بالكعبة؟.
فقال: احلف برب الكعبة ،فإن عمر كان يحلف بأبيه ،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تحلف بأبيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك)
رواه أبو داود وصححه الألباني
ومن ذلك أيضاً الحلف بالأمانة فإنه من الحلف بغير الله فيجب الحذر من ذلك ،قال صلى الله عليه وسلم : من حلف بالأمانة فليس منا)
رواه أبو داود وصححه الألباني

التطير وهو التشائم :-
قال العلامة عبد الرحمن بن قاسم : والتطير التشائم بالشيء بما يقع من المرئيات أو المسموعات في قلوب أهل الشرك والعقائد الضعيفة ،الذين لا يجعلون توكلهم على الله.
والتشائم لا تأثير له في حياة الإنسان لأن النفع والضر بيد الله عز وجل ومقادير الله جارية على العباد فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فلا ينبغي للعبد أن يتعب قلبه ويوهن نفسه بالتشائم بسبب هذه المخلوقات التي هي تحت تدبير الله وملكه سبحانه وتعالى.
قال صلى الله عليه وسلم : من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك.
قالوا : وما كفارة ذلك يا رسول الله؟
قال: "أن يقول :اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك."
رواه أحمد وصححه الألباني

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الطيرة شرك ،الطيرة شرك ،الطيرة شرك ،وما منا إلا ،ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أبو داود وصححه الألباني

قوله (ما منا إلا ) أي ما منا إلا ويقع في قلبه شيء من الطيرة والتشائم لكن الله يدفعه بالتوكل عليه سبحانه وتعالى.

قال ابن قاسم رحمه الله : وهذا لفظ صريح في تحريم الطيرة ،وأنها من الشرك ،لما فيها من تعلق القلب على غير الله ولو لم يكن فيها إلا سوء الظن بالله لكفى بها قبحاً. اهـ
حاشية كتاب التوحيد ٢١٩
ومن صور التشائم: التشائم بالبومة والغراب والقطط السوداء وشهر صفر وبالأبرص والأحول وغير ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولاطيرة ولا هامة ولا صفر. متفق عليه

ويروى أن رجلا سمع غراباً ينعق عند ابن عمر وابن عباس فقال الرجل : خير خير.
فقال ابن عباس : لا خير ولا شر.

وسمع رجل عند طاووس بن كيسان  غراباً ينعق  فقال: خير.
فقال طاووس: وأي خير عند هذا؟ لا تصحبني.!!

وفقنا الله وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
والحمد لله رب العالمين

كتبه بندر بن محمد الميموني

(١) رواه أبو داوود وصححه الألباني
(٢)رواه أحمد وصححه الألباني
(٣)متفق عليه